بطلان الاجراءات حال اخذ عينة من بول او دم المتهم اذا لم يضبط حال تعاطية الجوهر المخدر
طبقاً للمادة 54 من الدستور، الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على احد او تفتيشه او تقييد حريته باى قيد الا بامر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق.
ضوابط التفتيش في قانون الإجراءات الجنائية
وتنص المادة 50 من قانون الإجراءات الجنائية على انه لا يجوز التفتيش الا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجاري جمع الاستدلالات عنها او حصول التحقيق بشأنه الا اذا ظهر عرضا اثناء التفتيش وجود أشياء تعد حيازتها جريمة او تفيد في كشف حقيقة في جريمة أخرى فهذه الحالة يجوز لمأمور الضبط القضائي ان يضبطها.
حق مأمور الضبط في ضبط الأدلة
وتنص المادة 55 من ذات القانون على انه لمأمور الضبط القضائي ان يضبط الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل ان يكون قد استعمل في ارتكاب الجريمة او نتج عن ارتكابها او ما وقعت عليها الجريمة وكل ما يفيد في كشف الحقيقة.
التفتيش كإجراء تحقيق ابتدائي
مفاد ذلك ان التفتيش اعمالا للمادتين سالفي الذكر هو أحد إجراءات التحقيق الابتدائي الذي شرع لسلطة التحقيق المختصة مباشرته عند وقوع جريمة وإسنادها إلى شخص محدد ولغاية معينة، وهي ضبط الأشياء التي استعملت في الجريمة أو نتجت عنها أو تعلقت بها متى استلزمت ذلك ضرورة التحقيق، ولم توجد وسيلة أخرى للحصول عليها مع الأخذ في الاعتبار أن المتهم لا يدخل طرفاً في تقديم الأدلة، فلا يجبر على تقديم دليل ضد نفسه أياً كان شكله والهدف منه طالما أن هذا الدليل غير متصل بالجريمة محل التحقيق.
بطلان الأدلة الناتجة عن إجراءات غير قانونية
وبالتالي اذا لم يضبط المتهم حال تعاطيه مادة مخدرة ولم تشير النيابة الى انه حال استجوابه امامها كان ظاهرا عليه علامات تثير تلك الشبهة فان قيام النيابة العامة بأخذ عينة بول للمتهم واجراء تحليلها يعد اجراء تحكميا لا سند له في القانون وباطلاً ولا يعتد بالدليل المستمد منه.
قضية عملية توضح بطلان الإجراءات غير القانونية
ونشير هنا الى احد القضايا، حيث كانت النيابة العامة تحقق في جريمة قتل خطأ وقررت النيابة ضمن قراراتها اخذ عينة بول للمتهم واجراء تحليلها رغم انه حال استجوابه امامها لم تثبت النيابة في التحقيق انه ظاهرا عليه علامات تثير شبهه تعاطي المخدرات…. فلما وردت النتيجة إيجابية بتعاطي المتهم المورفين والحشيش قدمته النيابة الى المحاكمة عن جريمة احراز جواهر مخدرة بقصد التعاطي في غير الأحوال المصرح بها قانونا واحالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
دفاع المتهم وبطلان الأدلة المستمدة من الإجراءات غير القانونية
وفى الجلسة تمسك الدفاع الحاضر ببراءة المتهم من جريمة تعاطي جواهر مخدرة لخلو الدعوى من أي دليل يصلح للاستناد اليه في ادانة الطاعن سوى نتيجة اخذ عينة بول للمتهم و اجراء تحليلها والذى هو اجراء باطل وتعسفي وليس له ما يسوغه لانتفاء مبرراته لان اخذ العينة من المتهم وتحليلها كان بغير سند من القانون اذ ان المتهم كان معروضا على النيابة لارتكابه جريمة قتل خطا ولم تثبت النيابة في التحقيقات انه كان ظاهرا عليه علامات تثير الشبهة لكى تقوم بهذا الاجراء الذى يمثل اعتداء على الحرية الشخصية للمتهم وحقه في سلامة جسده.
حكم محكمة الجنايات وتأكيد بطلان الإجراءات
وحيث قضت محكمة الجنايات بتبرئة المتمهم من جريمة تعاطي جواهر مخدرة في غير الأحوال المصرح بها تأسيسا على بطلان ما قامت به النيابة العامة من إجراءات اخذ عينة البول من المتهم وتحليلها لحصولها بغير سند من القانون رغم ان هذا الأخير كان معروضا على النيابة العامة لارتكابه جريمة قتل خطأ.
طعن النيابة العامة ورفض محكمة النقض للطعن
طعن النيابة العامة على حكم محكمة الجنايات الذى قضي بتبرئة المتهم على سند من الخطأ في تطبيق القانون… وقالت ان قيام النيابة العامة بأخذ عينة وتحليلها كان تحقيقا لمدى توافر الظرف المشدد وهي تعاطي مخدر اثناء القيادة…
حكم محكمة النقض وأسباب رفض طعن النيابة العامة
ومحكمة النقض قضت برفض طعن النيابة العامة وقالت في أسباب ذلك ان الثابت من الأوراق وما تم من تحقيقات ان المتهم لم يضبط حال تعاطيه مادة مخدرة… أو أنه ارتكب جريمة القتل الخطأ وهو يقود السيارة تحت تأثير مخدر أو خمر ، كما خلت تحقيقات النيابة العامة مما يشير إلى أنه حال استجوابه أمامها كان ظاهراً عليه علامات تثير تلك الشبهة مما كان يستدعي أخذ عينة بول له وإجراء تحليلها أو أن هذا الإجراء كان طواعية منه ، فإن القيام به من قبل وكيل النيابة المحقق لا يعدو أن يكون إجراء تحكمياً لا سند له من ظروف الدعوى وليس له ما يسوغه لانتفاء مبرراته ، ويضحى قائماً على غير سند من القانون باعتباره اعتداءً على الحرية الشخصية للمطعون ضده وحقه في سلامة جسده وعدم إيذائه بدنياً وينطوي على إساءة استعمال السلطة ، فإنه يكون باطلاً ولا يعتد بالدليل المستمد منه ، وكانت الدعوى قد خلت من أي دليل آخر يصلح للاستناد إليه في إدانة المطعون ضده ، بما يتعين معه الحكم ببراءته ، وهو ما يلتقي في نتيجته مع ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ، ويكون ما تنعاه النيابة العامة – الطاعنة – على الحكم المطعون فيه غير مجد ، ومن ثم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
الخاتمة
يتضح من الأحكام القضائية والنصوص القانونية أن إجراءات التفتيش والقبض يجب أن تكون مستندة إلى أسس قانونية واضحة ومبررة وفقاً للدستور وقانون الإجراءات الجنائية. أي إجراء يتخذ من قبل السلطات القانونية بدون سند قانوني أو دون مبرر مشروع يُعتبر باطلاً وغير مقبول، وذلك حمايةً للحرية الشخصية والحق في السلامة الجسدية. ويؤكد هذا الحكم أهمية احترام الإجراءات القانونية وضمان حقوق الأفراد، مما يعزز من الثقة في العدالة ويؤكد أن القانون يقف إلى جانب حقوق الإنسان وحمايتها من أي انتهاك.
للرد على اي استفسار قم بملء النموذج او تواصل معنا على info@eg.andersen.com